الحصار متواصل: كيف تأثر الفلسطينيون في الضفة الغربية بالأحداث بين إيران وإسرائيل
رحمة قدومي
منذ يوم الجمعة الثالث عشر من يونيو 2025 تعيش الضفة الغربية واقعًا مريرًا من الحصار المشدد، تزامنًا مع التصعيد غير
المسبوق بين إسرائيل وإيران، هذا الحصار، الذي شلّ حركة الحياة تمامًا وأدخل المنطقة في حالة من الغليان، يأتي في ظل مخاوف متزايدة من تداعيات الصراع الإقليمي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إغلاق شامل وشلل الحياة اليومية
مع بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي إغلاقًا شاملا على جميع مداخل ومخارج المدن
والقرى والمخيمات في الضفة الغربية. حيث أغلقت الحواجز العسكرية والطرق الرئيسية بشكل كامل، ومنعت حركة تنقل الفلسطينيين بين المحافظات والقرى الفلسطينية.
معاناة التنقل : الضفة الغربية تتحول إلى سجن كبير
تحولت حركة التنقل داخل الضفة الغربية إلى معاناة يومية حقيقية لا
تُطاق. فقد نصبت سلطات الاحتلال بوابات حديدية وحواجز عسكرية على مداخل المدن
والقرى الفلسطينية، والتي بلغ عددها وفقًا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان 898
حاجزًا وبوابة. هذه العراقيل تزيد بشكل كبير من مدة الانتظار والتفتيش لساعات
طويلة، ما يحول دون وصول المواطنين إلى وجهاتهم بسلاسة.
يتحدث شهود عيان عن مشاهد مؤثرة لمرضى يضطرون للانتظار لساعات طوال
عند هذه الحواجز، بل إن بعضهم يُنقل على أسرة الطوارئ تحت وطأة البوابات الحديدية،
في مشهد يعكس قسوة الوضع. هذا التضييق الخانق، الذي تفاقم بسبب شح الإمدادات
الأساسية وخاصة الوقود، زاد من معاناة نحو 3 ملايين فلسطيني، وألقى بظلاله على
الحركة في المنطقة، دافعًا إياها نحو شبه شلل كامل
هذا بالإضافة الى توقف التعليم في المدارس والجامعات
التهجير القسري والاعتداءات
يصف المواطنون الضفة الغربية بأنها تحولت إلى "سجن كبير"،
حيث باتت حركتهم وسكينتهم خاضعة "لمزاج الجنود" المنتشرين في كل مكان.
تتفاقم الأوضاع مع عمليات الاقتحام اليومية والمستمرة للبلدات والمخيمات، خصوصًا
في شمال الضفة الغربية حيث تشهد مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم حملات متواصلة.
هذه الاقتحامات العسكرية لم تسفر فقط عن ترويع السكان، بل أدت إلى
تهجير قسري لعشرات الآلاف، حيث أجبر ما يقرب من 40 ألف شخص على ترك منازلهم وفقًا
لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا.
بالإضافة إلى ذلك، يتم تحويل منازل المواطنين إلى ثكنات عسكرية، مما
يسلبهم خصوصيتهم وأمنهم. وتتواصل اعتداءات المستوطنين بشكل مستمر على القرى
الفلسطينية والتجمعات البدوية، مضيفةً طبقة أخرى من المعاناة والخطر على حياة
السكان وممتلكاتهم.
القيود تخنق القطاع الصحي في الضفة الغربية
يعاني القطاع الصحي في الضفة الغربية بشكل خاص من تداعيات الحصار،
حيث تفرض القيود المفروضة على حركة سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، بالإضافة إلى
صعوبة وصول المرضى إلى المستشفيات، ضغطًا هائلاً يزيد من المخاطر الصحية، لا سيما
للحالات الطارئة. وقد أفادت مصادر طبية أن تأخير وصول سيارات الإسعاف أصبح أمرًا
شائعًا. وفي هذا السياق، صرّح فايز عبد الجبار، وهو ناقل إسعاف، قائلاً: "حتى
عندما يُمنحون تصريح الحركة، يُحتجزون عند الحواجز 3–4 ساعات قبل السماح لهم
بالعبور. صباح السبت (15 يونيو)، بقيت امرأة ثلاث ساعات عند حاجز واحد فقط. الحل
الوحيد الآن هو نقل المرضى من سيارة لأخرى عند كل حاجز." (المصدر: Aljazeera.com). هذا الواقع المرير يتوافق مع ما ورد في تقرير
صادر عن منظمة أطباء بلا حدود (MSF) ضمن
سلسلة تقارير منتصف يونيو، حيث أكدت المنظمة أن القطاع الصحي في الضفة "تحت
ضغط هائل"، مع "حواجز تحول دون وصول السيارات والطواقم"، مما أدى
إلى ارتفاع حالات الوفاة بسبب تأخر الاستجابة الطبية. (المصدر: منظمة أطباء بلا
حدود، تقارير منتصف يونيو).
تصاعد التوتر وتفاقم الأوضاع الإنسانية
أزمة الوقود
شهدت الضفة الغربية، تزامنًا مع التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران،
تفاقمًا غير مسبوق في أزمة الوقود، مما ألقى بظلاله الثقيلة على الحياة اليومية
للمواطنين الفلسطينيين. فمع تصاعد حدة التوترات الإقليمية، فرضت محطات الوقود
قيودًا صارمة على كميات الوقود المتاحة للشراء، تاركةً طوابير طويلة من المركبات
والمواطنين . "لم نعد نجد البنزين، وإذا وجدناه، فإن الكميات المسموح بها لا
تكفي لتنقلاتنا اليومية الضرورية للعمل أو الوصول إلى المستشفيات"، يقول محمد
أبو أحمد، سائق سيارة أجرة من نابلس، في شهادة لصحيفة "القدس" بتاريخ 16
يونيو 2025.ويربط مراقبون هذا التفاقم السريع لأزمة الوقود بالتخوف من انقطاع
الإمدادات بسبب الاضطرابات الإقليمية، إلى جانب القيود المفروضة على المعابر
والحركة التي تُصَعّب من وصول الوقود إلى الضفة الغربية، ما يزيد من وطأة الحصار
الاقتصادي المفروض على المنطقة.
بينما يترقب العالم تطورات الصراع المباشر بين إسرائيل وإيران، يجد
الفلسطينيون أنفسهم في مرمى النيران بشكل غير مباشر. بعض شظايا الصواريخ التي
أُطلقت سقطت في مناطق بالضفة الغربية، أسفر عنها وقوع إصابات طفيفة وزاد من حالة
التخوف والترقب. ويخشى الفلسطينيون من أن يُستغل هذا الصراع كذريعة لمزيد من
الانتقام الإسرائيلي بحقهم، وتكثيف حملات الاعتقال والتضييق التي تمارس بحقهم على
وقع تنكيل وتعذيب وتفتيش مستمر.
التضييقيات على الأرض لم تقتصر على الاقتحام والاغلاق بل امتدت لتطال
حرية العبادة للفلسطينيين حيث أشارت التقارير إلى أن سلطات الاحتلال اغلقت المسجد
الأقصى والحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل منذ اليوم الأول الذي بدأ فيه التصعيد
ومنعت المصلين من أداء الصلوات فيهما. كما نقلت عن ضباط إسرائيليين بثهم لصور
معتقلين فلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
مستقبل مجهول في ظل الترقب والقلق
0تعليقات